سنجار، ٢٩ أيلول ، ٢٠٢٢ - يهدّد غياب الأمن المزمن المجتمع الإيزيدي والأقليات الأخرى في سنجار. مع الفراغ السياسي الطويل الأمد الذي لم يتمّ إيجاد حلّ له من خلال اتفاقية سنجار، بات انهيار الأمن يقوّي الجماعات المسلحة ويعرّض آفاق التنمية الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية لخطر جسيم.

تمّ التطرّق إلى الوضع الأمني في سنجار في حلقة نقاش استضافها برنامج الشرق الأوسط في مركز ويلسون. وتمّ إطلاق ورقة بحثية بعنوان: "يهدّد الأمن المنهار مستقبل الإيزيديين في سنجار،" حيث تمّ عرض أمثلة مفصّلة للتجارب التي عاشها المجتمع وتوصيات عاجلة محددة للمعنيين من أصحاب المصلحة الوطنيين والدوليين. هذه الورقة السياسية هي من كتابة يزدا، مؤسسة تنبثق من المجتمع الذي تحميه وتدافع عنه، وThe Zovighian Partnership التي تقوم بالاستثمار الاجتماعي للقضية الأيزيدية.

كان المتحدثون الرئيسيون في الجلسة: السفير مارك جرين، الرئيس والمدير التنفيذي لمركز ويلسون، وجينيفر جافيتو، نائب مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون إيران والعراق، حيدر الياس، المؤسس المشارك ورئيس يزدا. نادين ماينزا، رئيسة لجنة الولايات المتحدة للحرية الدينية الدولية  (USCIRF)، ولين زوفيكيان، المؤسسة المشاركة والمديرة الإدارية ل The Zovighian Partnership .

غياب السلامة والأمن يهدّد مستقبل الإيزيديين
يعانـي الأمـن والاستقرار مـن وجود الميليشـيات والجماعـات المسـّلحة المتزايد والمزمن. أشارت نائب مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون إيران والعراق جينيفر غافيتو أن وجود الميليشيات والجماعات المسلّحة يخلق بيئة غير آمنة وغير مستقرّة التي تحول دون إعادة الاعمار والتعافي.

وأكدت، "تواصل الولايات المتحدة إعطاء الأولوية في سبيل تعافي جميع المجتمعات التي تعرضت للإبادة الجماعية وغيرها من الفظائع من قبل داعش". وحثت القادة العراقيين على الانخراط في حوار شامل يؤدي إلى تسوية سياسية ويتجنب المزيد من العنف. 

وأكد السفير مارك جرين، رئيس مركز ويلسون، أن "غياب الأمن يعيق القرارات الإنسانية وآليات تحقيق العدالة، والبنية التحتية والتطوير الاستراتيجي، فضلاً عن تحديد دور سنجار على صعيـد الجيوسياسـّية أو الجغرافيا السياسـّية."ا

وشرحت لين زوفيكيان، المؤسسة المشاركة والمديرة الإدارية ل The Zovighian Partnership أن الأمن، كما يصفه أعضاء المجتمع الإيزيدي، هو "أحد الأصول العامة الشاملة والموثوقة التي يمكن لجميع السنجاريين الاعتماد عليها، ويتم تنفيذه من خلال مساءلة كاملة من قبل أصحاب المصلحة الوطنيين ومن المجتمع الدولي من أجل ضمان شمل الجميع." 

أكد حيدر الياس، المؤسس المشارك ورئيس يزدا، على ضرورة إعلاء أصوات الناجين الإيزيديين غير القادرين على العودة إلى وطنهم مع مخاوف من أنهم قد يصبحون عرضة للخطر مرة أخرى في حال وقوع هجوم آخر على سنجار. وأضاف: “الصراع بين الميليشيات المتعددة في سنجار يقتل الكثير من الإيزيديين الأبرياء. هناك العديد من الأسباب الأخرى التي تجعل الإيزيديين حذرين في التفكير في العيش في سنجار مرة أخرى."

تُحـَرم سـنجار اليـوم مـن أبسـط مكّونات الأمن وسـلطة القانون، ما يشـّكل خطًرا كبيـراً على حياة العائـلات. أشارت نادين ماينزا، رئيسة لجنة الولايات المتحدة للحرية الدينية الدولية أنه "من الضروري إنخراط السنجاريين والإيزيديين في بسط أمنهم الذاتي." وأضافت "يمكن للمجتمع الدولي المساعدة بطريقة مختلفة للتقدّم والابتعاد عن "دبلوماسية الصواريخ" هذه حتى نتمكن من المضي قدمًا في مكان آمن للمجتمع الإيزيدي لكي يتمكّن من العودة إلى موطنه."

توصيات لتعزيز الأمن في سنجار
نظراً إلى التأخير الكبير في إيجاد حلول لمعالجة الأمن في سنجار، تقدم الورقة السياسية توصيات قابلة للتنفيذ ومحددة زمنياً والتي تم تحديدها بالاشتراك مع أعضاء المجتمع الإيزيدي. وأعرب المشاركون في حلقة النقاش عن خيبتهم من سياسة التقاعس المزمنة بين أصحاب المصلحة الرئيسيين وسلطوا الضوء على التوصيات المقترحة في الورقة السياسية ودعوا إلى إشراك جميع المجتمعات لترسـيخ مقاربـة محورهـا الناجيـن وحقهـم فـي تقريـر مصيرهم في قلب جميـع القـرارات والتفويضات والإجراءات. وتم إعطاء الأولوية لستة توصيات مقترحة في الورقة: 

١.مراجعـة مبـادئ إتفاقيّـة سـنجار مع إشراك موثوق للمعنيين من الجماعات المحلية؛

٢. تخصيـص ميزانيـات طويلـة الأجـل وتفعيل البرامـج لتنمية قـدرات الهيئـات المحليـة لتنفيـذ القانون بالإضافة إلى وضع آليات لتوظيف الجماعات المحليّة؛

٣.إغلاق جميع نقاط التفتيش غير الحكومية لضمان حركة آمنة وموثوق بها للبضائع وللمساعدات وللعاملين في المجال الإنساني؛

٤. إنشاء وتمويل فريق عمل لسنجار يجمع المعنيين، منهم ممثلين عن كلّ جماعة محليّة معنيّة بغية ضمان مشاركة جميع المعنيين في المراقبة الأمنية وفي القرارات؛

٥. إنشـاء وتمويـل هيئـة مرقابة مسـتقّلة على مسـتوى القاعدة الشـعبّية للمجتمعـات المحليـة لتتبـع ودراسـة وتوثيـق ومعالجة النتائج المباشرة وغير المباشرة لانهيار كل من الأمن وسـيادة القانـون؛

٦. إدخال تشـريعات تضمن سـلامة المواطنين فـي سـنجار وحمايتهـم كحق دسـتوري.

“الخطأ الأكبر الذي ارتكب عند توقيع اتفاقية سنجار هو استبعاد المجتمع الإيزيدي والسنجاريين بشكل عام من صياغة هذه الاتفاقية. وعليه، هناك طريق للمضي قدمًا في هذه الاتفاقية فقط إذا كانت تشمل المجتمع الإيزيدي ومجتمع سنجار"، أوضحت ماينزا.

من المهم للغاية الاعتراف أن الوقت يداهمنا. التحدي الذي نواجهه اليوم هو أن الانهيار يتسارع،" أشارت زوفيكيان.  واختتمت قائلة: "ما من أمر آخر يمكننا أن نطلبه ما لم يتمّ بسط الأمن ولذلك إن ضمان الأمن ليس مجرد موضوع حسّاس، وليس فقط متأخرًا، إنما هو أمر جوهري لا غنى عنه، وهو شرط أساسي للجميع."

وشدد إلياس في كلمته الختامية على أن "الإبادة الجماعية مستمرة. إنها قضية إنسانية. “وأضاف: “إن [الجماعات المسلّحة والسياسيين] لديهم كل الوقت أمامهم. لذلك كلما طال الوقت كلّما كان ذلك أفضل بالنسبة لهم. لكنها كارثة بالنسبة للايزيديين الذين يعانون داخل مخيمات اللاجئين ".

للّغة الإنجليزية انقر هنا.

تأسّست The Zovighian Partnership عام 2013 بمبادرة والدٍ وكريمته وهي منصّة عائليّة للإستثمار الإجتماعيّ. نغوص والمعنيّين في البحث والتّصميم، فنطوّر مناهج عمل وأطر ونماذج وآليّات وخطط تنفيذ وبرامج نطبّقها ونراقبها، فنرفع تقريرًا يوثّق تأثيرها. يعمل الباحثون والإستراتجيّون والإداريّون في الفريق في خدمة الجماعات وصانعي الأمم والمنظّمات والحكومات.

يلتزم المكتب العام لـ The Zovighian Partnership بتقديم موارد لإرساء منهجية قائمة على أسس وحوكمة سليمة وتفكير استراتيجي صارم للمجتمعات والمدن التي تمر بأزمة. نحن نعتبر أنفسنا مسؤولين عن إعطاء صوت لتنوع الآراء التي تُعتبر أساسية للسلام الطويل الأجل والمستدام، والتمكين الاجتماعي والاقتصادي.

-

يزدا هي مؤسسة عالمية يقودها المجتمع المحلي تحمي وتدافع عن جميع الأقليات الدينية والعرقية،بما في ذلك الآشوريين والكلدان والكاكيس والشبك والإيزيديين وآخرين في العراق وإقليم كردستان وسوريا.

تأسست في عام 2014 في بداية الإبادة الجماعية التي ارتكبتها داعش، والمعروفة أيضًا باسم الدولة الإسلامية في العراق والشام ضد اليزيديين، فضلاً عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية ضد الأقليات الأخرى، تقود يازدا الدعوة والمشاريع الاستراتيجية في دهوك وسنجار وسهول نينوى ، وكذلك مراكز الشتات العالمية.

www.yazda.org

-

Wilson Center، الذي تمّ تشريعه من قبل الكونغرس الأميركي عام ١٩٦٨، تكريمًا للرئيس وودرو ويلسون، يشكل منتدى غير حزبي في مجال السياسة، ومنصة بحثية رئيسية في الولايات المتحدة الأميركية، تساهم في معالجة القضايا العالمية من خلال البحث المستقل والحوار المفتوح من أجل توجيه الأفكار القابلة للتنفيذ لصانعي السياسات. 

برنامج الشرق الأوسط بمركز ويلسون يشكّل موردًا أساسيًا لصانعي السياسات وللمجتمع ككل، حيث يقدّم التحليلات والأبحاث التي تساعد في إرشاد صنع السياسة الخارجية للولايات المتحدة، وتحفيز النقاش العام، وتوسيع المعرفة حول القضايا في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. 

www.wilsoncenter.org